التسامح والعفو - An Overview



بالطبع يرجع التسامح والعفو بين البشر بالمنافع الجمة على المجتمع أجمع، لذا نتطرق لـ فضل التسامح والعفو في الإسلام، وذلك خلال السطور التالية:

التسامح في الإسلام قيمة أساسية تعزز التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين الناس بغض النظر عن اختلافاتهم الدينية، أو الثقافية، أو العرقية، ويتمحور التسامح حول معاني العفو والتجاوز عن أخطاء الآخرين، والتعامل معهم بلين ورحمة حتى في أوقات الخلاف أو العدوان.

عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبيَّ ﷺ، فَمَرِضَ، فأتَاهُ النبيُّ ﷺ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقالَ له: أسْلِمْ، فَنَظَرَ إلى أبِيهِ وهو عِنْدَهُ فَقالَ له: أطِعْ أبَا القَاسِمِ ﷺ، فأسْلَمَ، فَخَرَجَ النبيُّ ﷺ وهو يقولُ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ».

عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً".

قال تعالى: وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، وقال أيضًا: وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ .

تتطلب المعاملات اليومية سواء بالبيع أو الشراء، إلى الكثير من التسامح واللين، وقد دعانا الرسول –ﷺ– إلى التسامح خلال إجراء المعاملات المالية المختلفة.

قد يبدو للجميع أن التسامح والعفو شيء واحد، لكن في الحقيقة بينهما فروق دقيقة تجعل كل منهما مميزًا، فالتسامح هو القدرة على تقبل الآخرين وأخطائهم دون أن نحمل ضغينة نحوهم، والإنسان المتسامح يتسم بالرحمة وسعة الصدر، أما العفو يكون دائمًا بعد حدوث الإساءة، وهو قرار بإسقاط حق الرد أو الانتقام، وتجسيد لمبدأ المغفرة.

قال تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا التسامح والعفو وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّـهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ .

عن عائشة أم المؤمنين -رضيَ الله عنها- أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال لها قولي: (اللَّهمَّ إنَّكَ عفوٌّ تحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي).[١٩]

إن العفو هو نور الإمارات شِعار الأنقياء الصالحين ذوي النّفس الرضيّة والحلم والأناة؛ إذ إنّ التنازل عن الحق يُعدّ نوعًا من الإيثار للآجل على العاجل، ويوسع هذا الخلق النقي التقيٍّ نفوذه بقوة ليدخل إلى شغاف قلوب الآخرين، فيوَّقروا صاحبه، كما أن العفو عن الآخرين ليس بالأمر السهل أو الهين؛ إذ إن له ثقلًا في النفس، فلا يتجاوز صاحبه هذا الثقل، إلا بمجاهدةِ حبِّ الانتقام للنفس والانتصار، وهذا لا يكون إلا للأقوياء الذين يسيطرون على أنفسهم ورغباتها، وإن كان أخذ الحق حقًّا يجوزُ لهم إمضاؤُه، لقوله عزّ وجل: [وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ] [٤]، إلا أنَّ التنازل عن الحقّ مع القدرة على أخذه هو دليلٌ على خَرق العادات وتجاوزِ المألوفِ بالتحلّي بخلق العفو.[٥]

من أهم الآثار التي تنتج عن التحلي بالعفو والتسامح هي زيادة رصيدك من الإيمان، وزيادة رصيدك من الحسنات، والله عز وجل قادر على أخذ حق من وقع عليه الضرر أو الإساءة أو الظلم إن شاء.

يترتب عليه انتشار البركة، وبلوغ التقوى وزيادة الإيمان والرضا.

مواضيع ذات صلة خاتمة عن التسامح وأجمل الأقوال عن التسامح

ولَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ)؛ يبين الله عز وجل أن العفو والإصفاح جزاءه الحصول على العفو من الله تعالى.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *